مع طه حسين وعلي الطنطاوي
ذهبت إلى مكتبة لأشتري أكثر من كتاب, فطلبت من البائع كتاب (الأيام) لطه حسين, ثم كتاب (صور وخواطر) للطنطاوي
فاستغرب البائع من هذا التناقض, فالكاتب الأول تنويري, والثاني إسلامي.. ولكن لم العجب وكلاهما مسلمان وأديبان؟
ألا يتعالى الأدب عن (الانتماء الفكري, والدين) فهو إبداع منبعه الموهبة والتجربة؟
صحيح أن بعض (الأدب) “ماجن” ولا يصلح للقراءة, ولكن ليس أدب طه حسين من هذا اللغو, فهو عميد الأدب العربي..
عندما تقدم الطنطاوي لكلية أدبية في مصر, كان
فاستغرب البائع من هذا التناقض, فالكاتب الأول تنويري, والثاني إسلامي.. ولكن لم العجب وكلاهما مسلمان وأديبان؟
ألا يتعالى الأدب عن (الانتماء الفكري, والدين) فهو إبداع منبعه الموهبة والتجربة؟
صحيح أن بعض (الأدب) “ماجن” ولا يصلح للقراءة, ولكن ليس أدب طه حسين من هذا اللغو, فهو عميد الأدب العربي..
عندما تقدم الطنطاوي لكلية أدبية في مصر, كان
عميدها طه حسين, لم يقبل الآخر الأولَ تلميذا عنده!
ربما لأن الطنطاوي كان يكتب في مجلات إسلامية تهاجم طه, وخاله من كبار الكتاب الإسلاميين..وإن كان طه حسين لم ينصف ذلك الطالب, الذي سيكون له شأن عظيم في المستقبل, فإن الطنطاوي لم ينصف طه أيضا
فنقده نقدا لاذعا, وسماه طه الحصيني, و”حصيني” كلمة شامية تطلق على الثعلب, وهو حيوان ماكر وغادر..
بل أكثر من هذا, طعن الطنطاوي -وهو أحب الكتاب إلي- بآثار طه حسين وقال أنها من الأدب “الوسط” لا الخالد..
– اعتدنا أن نسمع الطعن والثلب في طه حسين, لأن الرجل قال آراء (تاب عن معظمها) أثارت الحفيظة الدينية..
واعتدنا أن يقلل (التنويريون) من شأن الأدباء الإسلاميين, حتى أن بعضهم لا يذكرهم مع جملة الأدباء, ويتناساهم..
وإن ذكر بعضهم فهو يقلل منهم, ويصفهم بما لا يليق من أن فكرهم ضحل… بينما يمجد نزار قباني!
– الحكم على الكاتب يجب أن يتعالى عن توجهه الفكري, فلا ننسى أعمال طه حسين الجميلة (كالأيام) لأنه تنويري
فهذا عمل جميل يستحق القراءة والاستفادة منه.. فكم من فائدة تتعلمها من هذا الرجل الأعمى, الذي يحمل 3 شهادات
دكتوراة, ويتقن الفرنسية, و وصل إلى مرتبة وزير للتعليم, وكتب وأجاد, وهو عاش في قرية يملأها الجهل والظلام
وكتب السحر والشعوذة.. فكان من فلتات الدهر..
وكذلك مخالفة الإسلاميين لا ينبغي أن تخلط بظلم.. فقلما أسمع من ينصف كاتبا كبيرا يختلف معه في توجهه
فالآخر هو الشر, أو الجهل, ننسى كل مزاياه وإبداعاته.. لأنه يخالفنا فكريا أو سياسيا..
والأعجب أن يحكم العامة -ممن لا يقرأون- على كبار العظماء, تقليدا لكلمة سمعها, وهذا والله الجهل المحض..
ف
الحكمة ضالة المؤمن الحقيقي.. لا يبالي أين وجدها, والحق يعدل به المبدعون, فلا يحكمون على أحد إلا ويقرأون
آثاره ويستوعبونها, فيحكمون عليها حكما عادلا.. والحر لا ينغلق على مذهب, فيفوت على نفسه جمالا وفكرا عظيما
رحم الله علي الطنطاوي, ورحم الله طه حسين, وغفر لهما زلاتهما:
كانوا أجل من الملوك جلالة …. وأعز سلطانا وأفخم مظهرا!
مرجع:
علي الطنطاوي وأعلام عصره, سيد قطب وآخرون (صداقة – خصومة – نقد) / لرائد السمهوري.
للمزيد من المقالات ,, لمتابعة آخر الكتب ولمتابعه التعقيبات , مكتبة الاقلاع
الوسوم: عام
Trackback from your site.